ليست هذه الكلمات مقالا بقدر ما هي قراءة للأحداث وتأملات للوقوف على حقيقة المشهد الذي أَلم بمحافظة ظفار على وجه الخصوص والسلطنة بوجه عام منطلقا من ثلاثة نقاط:
1 - التوقيت:
1 - التوقيت:
إن توقيت فض الاعتصامات في السلطنة لهو لغز ومفاجأة جديدة فجرتها الحكومة ليلة الخميس الموافق 12 مايو ، فالسلطة على مدار الثمانين يوما تقريبا التي مرت كانت كالمتفرج الذي لا يبالي بوجود تلك الاعتصامات وهنا أقصد الإعلام بالذات الذي كان غائبا عن سابق نية وترصد وغارقا في جدول برامجه ، بل هي نفسها - السلطة- في بدايات الاعتصامات باركت سلميتها وامتدحتها( في كل من صور ومسقط وبشكل خاص في ظفار) وقد أضفت الدولة ممثلة بجلالته الشرعية على مطالب المعتصمين إن كانت تلك المطالب حقيقية ومشروعة ،وفقا لما أورده موفده الذي خطب في ساحة الصمود وكذلك فعلت الهيئة الدينية على لسان سماحة مفتي عام السلطنة الشيخ أحمد الخليلي في لقائه المتلفز الذي أشاد بتنظيمها وعقلانيتها، وقد عززت هذه الإشادة الثقة في نفوس الكثيرين فقاموا بتلبية دعوة السلطان والشرعية الدينية وانطلقوا نحو الاعتصام ضد الفساد وضد الظلم الذي رزحت تحت وطأته البلاد من منظور القانون والدين الذي كفلها لهم.
إن ليلة الخميس الآنفة الذِكر قلبت موازين الشرعية الدينية والقانونية التي باركتها الدولة وأضفتها قبل هذه الليلة والتي كثيرا ما تم ترديدها خلال الفترة المنصرمة، الى ان هجم فيها الجيش وفي نفس التوقيت تقريبا ( بعد صلاة العشاء) عنوة لفض اعتصامات ساحة الصمود بظفار وساحة الشعب بمسقط وفي وقت متأخر منها - أي الليلة- لساحة الحرية بصور .
بالطبع لم تكن العملية اعتباطية ولم تكن منطلق أن الدولة ملت مثل هذه التجمعات بل هناك أسباب لتوقيت فض الاعتصامات الثلاثة في الليلة ذاتها ومن وجهة نظري أن أكثر هذه الأسباب منطقية إن لم يكن الجوهري هو التخوف من انتقال المد الثوري وخصوصا ذلك الزاحف نحو القصر الجمهوري اليمني وما لذلك المد من تداعيات قد تؤثر سلبا على السلطنة بشكل عام كتأثير ثورة تونس على مصر فقد خلقت ثورة تونس الأمل في نجاعة القوة السلمية لدى المصريين اولا ومن ثم لدى باقي الشعوب العربية كما أنها كسرت جدار الخوف لدى تلك الجماهير ،فكل ذو عين ناظرة وبصيرة رأى نجاح تجربة الثورات العربية ورأى أيضا تلك العدوى الثورية وهي تنتقل وتتفشى بين الشعوب بسرعة الجمرة الخبيثة والإتش ون أن ون، وهي التي ما ان تجتاح بلد فتبدأ بالاعتصامات السلمية التي يرتفع سقف مطالبها يوما بعد آخر بل وساعة تلو أخرى حتى يصل الشعب لـجملته [ الشعب يريد إسقاط النظام] ولكم ان تعرفوا ان من يجبر الشعب على رفع السقف هو النظام بعنجهيته وتصلفه المتصلب.
2-آلية التنفيذ
كانت آلية فض الاعتصام في ظفار بالقوة ولا شيء غير القوة والدليل على ذلك العدد الكبير لأفراد الجيش والمدرعات التي أُسندت بقوة مكافحة الشغب وقوات الفرق الوطنية بالإضافة الى المروحيات التي كانت تمشط المنطقة ذهابا وإيابا، وتزامن ذلك مع قطع لخدمات الاتصال والانترنت وإغلاق الشرطة للمسارات المؤدية للساحة اثناء وقبيل العملية .كل تلك القوة التي يُراد بها اظهار هيبة الدولة واسترجاع أمنها المفقود كما يتصور العامة وبعض المسؤولين إلا أنه ولله الحمد تجاوب المعتصمون مع كل هذه القوة المفرطة وتوجهوا للحافلات طوعا دون مقاومة تذكر تأكيدا على مبدأ سلمية اعتصامهم ومطالبهم التي أقرتها الدولة بهيئاتها كما اسلفت سابقا. وكانت حملة الاعتقالات الثانية صبيحة الجمعة عندما احتشدت مجموعة تطالب باستمرارية الاعتصام السلمي وبالإفراج عن المعتقلين. وبعدها أُغلقت الساحة ومنع الباقون من صلاة الجمعة وفرقوا إلا أنهم تجمعوا بعد الصلاة في جامع الهدى القريب جدا من الساحة وزحفوا نحوها وهنا بدأت عملية الشغب التي كانت عبارة عن رشق الجيش بالحجارة وكرد منهم ( أي الجيش) اطلقوا من جانبهم سحب الدخان ودوت الأعيرة النارية في الهواء وتلا ذلك مطاردات بين الشوارع حيث لسعت ظهور البعض هراوتهم نقلوا إثرها لمستشفى السلطان قابوس منهم من يتحدث عن 6 الى 8 اصابات مع اصابة أحدهم بعيار مطاطي وهناك من يبالغ في العدد ،مع كل ذلك استمرت المطاردات بين كر وفر الى ما بعد صلاة العشاء التي ربما كانت حاسمة، فقد تتبع الجيش بعض المعتصمون بضراوة إلى أماكن بعيدة حتى وصل بعضهم الى داخل جامع السلطان وتم ضربهم وهم بداخله بالإضافة لاستمرار الطلقات النارية في الهواء.
3- رمزية الساحة
ساحة الاعتصام هي الساحة التي انطلقت منها الاعتصامات أمام مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار الذي يُعد أهم جهة تنفيذية وخدمية في المحافظة، والوقفة إلاعتصامية أمامه تمثل بحد ذاتها رمزية سخط المعتصمون من أدى الحكومة متمثلة بالمكتب،وتحولت الساحة مع مرور الأيام الى ساحة صمود وإصلاح كما أُطلق عليها من قبل المعتصمين الذين فاق عددهم أيام الجمع العشرة الآلاف، وصمدوا فيها ما يقارب الثمانين يوما، وهي ذاتها الساحة التي تحرك الجيش لتحريرها (وهنا أعني كلمة تحرير) لأن الجيش رفع علم السلطنة وعلم الجيش العماني مع صورة كبيرة لجلالته في الساحة بعد اعتقال أغلب المعتصمين والمقدر عددهم ما بين 900 و 1200 معتقل [والموزعين بين سجن رزات وريسوت] وإزالة جميع بقاياهم من خيم وشعارات تملأ الساحة، ورفع العلمين وتطويق المكان بالآف الجنود وعشرات المدرعات وناقلات الجند التي توحي للرائي بمشهد التحرير والانتصار. ، والجيش حتى كتابة هذه السطور يصر على صموده عليها بالرغم من استياء الأهالي وكثير من أبناء المحافظة لطريقة العسكر الاستفزازية في ادارة الأزمة وإظهار القوة في التعامل، وقد بدت لنا الوجوة الغضة [ التي يبدو انهم مستجدين في الخدمة العسكرية] تستقوي وتفرز عضلاتها على بني جلدتها التي كانت قبل شهرين -على أقل تقدير- من ضمن هؤلاء الذين يَعِدون لهم الآن هراوتهم ومسيلات الدموع.
إن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الأغلبية هو: هل ساحة الصمود كانت أرضا غير عمانية حتى يرفع الجيش علمه وعلم السلطنة كأرض محررة أو كاحتلال لأرض جديدة؟ وهل تستدعي الحالة تلك القوة المفرطة من قبل الجيش وذلك التواجد المكثف في الساحة وكأن المنطقة بكاملها خارجة عن القانون بينما المعتصمين[ وهم ذوي المشكلة كما يقول المسؤولين] سلموا أنفسهم طواعية؟ أم هو استعراض وتلويح بالقوة وإرجاع الهيبة الأمنية كما يتشدق البعض على حساب وتخويف المواطن بالآلة العسكرية.
ساحة الاعتصام هي الساحة التي انطلقت منها الاعتصامات أمام مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار الذي يُعد أهم جهة تنفيذية وخدمية في المحافظة، والوقفة إلاعتصامية أمامه تمثل بحد ذاتها رمزية سخط المعتصمون من أدى الحكومة متمثلة بالمكتب،وتحولت الساحة مع مرور الأيام الى ساحة صمود وإصلاح كما أُطلق عليها من قبل المعتصمين الذين فاق عددهم أيام الجمع العشرة الآلاف، وصمدوا فيها ما يقارب الثمانين يوما، وهي ذاتها الساحة التي تحرك الجيش لتحريرها (وهنا أعني كلمة تحرير) لأن الجيش رفع علم السلطنة وعلم الجيش العماني مع صورة كبيرة لجلالته في الساحة بعد اعتقال أغلب المعتصمين والمقدر عددهم ما بين 900 و 1200 معتقل [والموزعين بين سجن رزات وريسوت] وإزالة جميع بقاياهم من خيم وشعارات تملأ الساحة، ورفع العلمين وتطويق المكان بالآف الجنود وعشرات المدرعات وناقلات الجند التي توحي للرائي بمشهد التحرير والانتصار. ، والجيش حتى كتابة هذه السطور يصر على صموده عليها بالرغم من استياء الأهالي وكثير من أبناء المحافظة لطريقة العسكر الاستفزازية في ادارة الأزمة وإظهار القوة في التعامل، وقد بدت لنا الوجوة الغضة [ التي يبدو انهم مستجدين في الخدمة العسكرية] تستقوي وتفرز عضلاتها على بني جلدتها التي كانت قبل شهرين -على أقل تقدير- من ضمن هؤلاء الذين يَعِدون لهم الآن هراوتهم ومسيلات الدموع.
إن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الأغلبية هو: هل ساحة الصمود كانت أرضا غير عمانية حتى يرفع الجيش علمه وعلم السلطنة كأرض محررة أو كاحتلال لأرض جديدة؟ وهل تستدعي الحالة تلك القوة المفرطة من قبل الجيش وذلك التواجد المكثف في الساحة وكأن المنطقة بكاملها خارجة عن القانون بينما المعتصمين[ وهم ذوي المشكلة كما يقول المسؤولين] سلموا أنفسهم طواعية؟ أم هو استعراض وتلويح بالقوة وإرجاع الهيبة الأمنية كما يتشدق البعض على حساب وتخويف المواطن بالآلة العسكرية.
وأن في الغد لخفايا أكثر من هذا
اللهم استر
علي العبدور
16/05/2011
مقال جميل اخي العبدور
ردحذفلكنك تنظر للامور من زاويه تراها انت مشرقه لكنك تغض طرفك عن حقائق كثيره .. لكن كلنا يعلم بان الاجهزه الامنيه هم ابناؤنا واخواننا وليست لديهم خصومات شخصيه مع احد حتى تقول انت ان المعتصمين ركبوا الحافلات طوعا وكانك تقول انهم فوتوا عليهم فرصة القمع والعنف!!!
التوقيت كان مناسب كخطوه احترازيه لانهاء الاعتصام وهو سلمي قبل اجازات الصيف والمدارس التي سينضم خلالها طلبة المدارس الى الاعتصام وسيصعب حينها السيطره وقد تنفلت الامور الى ماتحمد عقباه