أيها العابر هاهنا ..إليك

صورتي
ظفار , سلطنة عمان, Oman
لا تغضب عندما يقول لك أحدهم أنت هامشي أو مهمش .. ألا تعلم بـأن الهامش في النص يكون بعيدا عن معمعة الحروف وتزاحمها وعن ضجيجها وتهافتها، منزويا في ركنٍ قصي أسفل الصفحة أو على أحد طرفيها، ومع ذلك لا يُغيبه القاريء بل يمر عليه لأنه مفتاح حبكة لكثير من مبهمات النص أو تذكير لما فات أو مصدر توثيق للمرجع وتحقيق للمعلومة... عش حياتك من منطلق الهامش ..شبه منزوي عن النص ولكن وجودك ضروري..فـ الحياة رغم كِبر حجمها (كالنص مع تعقيداته) إلا أنها بسيطة في فكرتها (كالهامش).. "عشها على ببساطتها وليس على حجمها واتساعها"

الاثنين، 21 مارس 2011

مات الملك ...التيجان تظل على روؤس أصحابها!



.أ.

في ليلةٍ .. تُخومها كئيبة
 
سماؤها حزينة
لكنها قمرية
...شق صمتها
صوت صائحٍ عجول
خلفه الصدى لاهثا يقول
ماااااااااااااااات الملك
......
أتدورن من الذي مات؟
مات صاحب التاج  والعروش
صاحب النفوذ والقصور في البلاد
هو ذاته قائد الجيوش
ومالك الرقاب والعباد
حامي الثغور والتخوم والكروش
راصد الظلم وناشر الفساد
أعرفتموه ؟
كأني أسمعُ لاءاتكم !
 إذن هو:
صاحب الذات المصونة
عن النقد والتجريح
وصاحب الدعاية
في المجد والتمجيد والمديح
وجامع الفضل والنكاية
ومُصدق الوشاية
ومطبق الحجرِ والوصاية
على العقول والأموال
فشعبه في أفضل الأحوال
يميل للسفاهة والجِناية
تستهويهم الهواية بل وتغريهم الغواية
لذا هو الوصي على شعبه السفيه 


.ب.
 الشعب يلهو بالبكاء
في خيام مآتم العزاء
تارةً يبكون
وتارةً أخرى
يتسائلون ؟؟
وبين السؤال والبكاء
 حيرةٌ وخوفٌ
ليس من المجهول
بل من مشانق ولي عهدهِ الجَهول

ويتسائلون : من لنا بعد الملك؟
من أين لنا الهواء ؟؟..
ومن أين لنا أرض أو سماء؟؟
من أين لنا الــ ماء؟؟
لا بُد لنا أن ننعيك 
نعيا يليق بالملوك
ننعيك يا مانح الهواء 
والاض والسماء
 بالمجان..
يا واهب السعادة
وصانع القراروالآمان
 تركتنا لمن؟!
.جـ.
نسجوا حولك الرُواة 
رواية
 فأنت من خط البداية
بفكرهِ العظيم وعزمهِ الكبير
ورأيه السديد وإرثه التليد
لكنهم شطبوا فصل النهاية
وبعض الزور والخيانة
والموت والهوان
وقبضة الحديد والنار
حتى يظل رمزنا المبجل
رمزا مبجل
وكذلك هي المنصة.. يعتليها دائما
متسلق الجباية
ومُتملق الحكاية
منافق سُدة الحُكمِ والعباية
ليعلن البداية 
أن أولى الناس بالمُلك 
هو أبن الملك
                    عاااش الملك                   
في قبره 

فهو لم يمت
فإبنهُ ملك
فما زالت السماء كئيبة وتخومها حزينة
لكنها قمرية
...
علي العبدور 21 مارس

الاثنين، 7 مارس 2011

الموالون يُسقطون المواطنة: هل تسقط المواطنة عن المعتصمين؟



أحاديث عن المواطنة والهوية

في الفترة الأخيرة وأثناء مداهمات صحار واعتصامات صلالة وصور وبقية ولايات السلطنة برز على السطح اتجاهين حيث يمثل الاتجاه الأول مواطن ممثل للحكومة يستبسل في الدفاع عن الوطن ويرى أن واجبه يُحتم عليه الدفاع عن الوطن  بل ويقر بمشروعية هذا الدفاع بكافة الوسائل والطرق، فكان هناك ضرب وشغب وقتل وجراح لم تندمل (أحداث صحار). وفي الاتجاه الآخر مواطن مُطالب (معتصم) يستبسل أيضا في الدفاع عن الوطن ويرى من حقه الدفاع عنه في محاربة الفساد وتوفير أبسط الحقوق والمشاركة في صنع القرار، فكان هناك نوعا من الثورة والغضب والخروج عن الاعتصام في فترات نزق واستفزاز.
بعدها سقطت  أجهزتنا الرسمية (عمدا كان أو خطأً) الإعلامية منها والأمنية في فخ منح الصكوك الوطنية وفقا لأهوائها وأهواء من تتبع من المسؤولين، فمن ركب مسيرات الولاء والعرفان كان مواطنا حيث يقول إعلامنا المبجل خروج جموع من المواطنين في مسيرات ولاء وعرفان ضد المخربين والمفسدين اللامواطنين. وللتأكيد ..لم يكن هناك أحد من المريخ أو من الإمارات ضمنا أو علنا في فيما يدور أعلاه وما دار فعليا على أرض الواقع..كان المواطن هو سيد الموقف رغم تناقضه في المواقف والرؤى بين الموالاة والمعارضة. ولكن ما لبثنا أن  تخطت تلك المواقف المتعارضة لحواجز كثيرة أمنية وإعلامية ووصل بنا إلى المحك وهو جانب يمسُنا جميعا ألا وهو المواطنة.
وعندما نتكلم عن المواطنة فأننا نتكلم  أولا عن الانتماء لهذا الوطن رغم التنوع والاختلاف الديني والمذهبي والعرقي، ثانيا عن حقوق المواطنة والتمتع بها كافة كالخاصة منها والعامة على السواء من تعليم وصحة ومشاركة سياسية وأمن وتوظيف ..إلخ، ثالثا عن واجبات المواطنة كحماية للممتلكات العامة وتكافل المواطنين ومساهمة في التنمية والدفاع عن الوطن، وأخيرا المشاركة في العمل العام للوطن كالمشاركة الانتحابية (الترشُح والانتخاب) والمساهمة في صنع القرارات السياسية والفاعلية في تدبير المؤسسات الأهلية والعمومية والحكومية بمعني أخر المشاركة في كل ما يهم تدبير ومصير الوطن والمواطن.
 أيضا للتوضيح أكثر يُعرف الأستاذ المصطفى صوليح المواطنة فيقول هي  إمكانية تدخل المواطن في اقتراح وصياغة القرار،  وفي تدبير وتسيير كل من الشأنين المحلي والعام، كما في تقاسم السلطة وتداولها والرقابة عليها، وذلك بمساواة في الحقوق و المسؤوليات مع المواطنين الآخرين.
ووفقا لهذه المواطنة وما ورد أعلاه نجد بأن الأعلام العماني همش المواطنة (حتى أنه بالغ مؤخرا واحتكرها لفئة المسيرات المدعومة والمُنظمة إعلاميا وأمنيا) وربما أوجد لدى المواطن المُشاهد (مواليا أو معارضا كان) عند نقله لأحداث صحار أو بعض أخبار المعتصمين بأن هؤلاء ليسوا مواطنين  حيث استخدم وصف لهؤلاء المطالبين بحقوقهم بالمخربين والمحتجين مع التأكيد على أن تلك التظاهرات وعلميات التخريب (والإشارة ضمنية للمحتجين كافة والمخربين بشكل خاص) بأنها لا تتماشى مع سمات العماني المعتدل المعروف بغيرته لهذا الوطن، كأن الشخص إن خرج عن هذه السمات المعتدلة والرسمية فقد مواطنته وهو ذاته الشخص الذي ربما أُعتقل أو ضُرب أو قُتل له قريب أو جار عندما تظاهروا سليما مطالبين بحقوق مشروعة.
أيضا في تلك المرحلة تخبط أعلامنا الموقر بشأن المواطنة كثيرا حتى أنه ألهب مشاعر المواطنين المعتصمين (وهم بالآلاف في ولايات السلطنة المنتشرة ) حينما تم تهميشهم كأنهم لا يتمتعون بمواطنة أو محبة وعرفان لهذا الوطن وقائده حيث عمد إلى إبراز وتغطية مسيرات الولاء والعرفان تلك التي نظمتها جهات معينة وادعت بأنها عفوية، وللعلم فأن الكثير ممن يؤيدن الحكومة - ولا يجدون حرجا في فسادها أو ممن قبل بالتغييرات والاستجابة السريعة لجلالته ورأى بأنه حقق شوطا كبيرا من مطالبه- يقرون بسقوط المواطنة عن من استمر في اعتصامه ومطالبه بحجة أنهم يسعون للفتنة والتخريب والإطاحة بالحكومة... والسؤال المُلح هنا.. هل تسقط المواطنة فعلا؟ وهل تُمنح المواطنة بناءً على سلوك المواطن؟  فإن كان الشخص لديه ملف إجرامي  أو أجندة سياسية معارضة للوطن  أو حتى أنه منفي خارج وطنه هل تسقط المواطنة عنه؟
ذلك كان فحوى السؤال الذي تقدم به زميلي للأستاذ أحمد المخيني بعد محاضرته في ساحة الشعب، كان الإجابة جميلة جدا ومسترسلة منه وهو يسهب في شرحه ,اختصرها هنا حسب فهمي بأن  المواطنة لا تسقط بأي حالٍ من الأحوال لأنها انتماء جغرافي لوطن لأرض وكل ما يمكن قوله أن هناك مواطن صالح ومواطن غير صالح (شرير).وفي حالة النفي والاستبعاد فأن هذا الشخص يظل مواطنا دون إسقاط.
وتطرقا للهوية التي تُعتبر المواطنة لازمة لها والتي أصم آذاننا بها  إعلامنا العماني بأنها  خصوصية متفردة لنا دون بلدان العالم كلها، نجد أن في مقال للأستاذ الدكتور جعفر شيخ أدريس خلاصة رائعة للمواطنة والهوية : المواطنة انتساب جغرافي، والهوية انتساب ثقافي. المواطنة انتساب إلى أرض معينة، والهوية انتساب إلى معتقدات وقيم ومعايير معينة. إذن لا مواطنة بدون نظام سياسي ومعتقدات وقيم ومعايير وقوانين اجتماعية اقتصادية تنظم العلاقات..فهل هويتنا العمانية تلك التي يطبل بها إعلامنا العماني عملت خلال الاربعين سنة الماضية بأن تكون لازمة للمواطنة الحقة؟!
أم أنه اكتفى - الإعلام- فقط بتكريس المورثات والتراث الشعبي بصورة شكلية (منجور وفخار ونول غزل) دون منح المواطن انطلاقا من تلك المورثات والتراث الشعبي المساهمة بصورة فعلية في صنع القرار وتدبير (المواطن) عمومياته وخصوصياته وفقا لتلك الهوية التي نفخر بمضمونها الحقيقي الذي يستمد نهجه من مباديء دينية وأعراف وتقاليد عربية أصيلة تؤمن بالشورى  والعدل وكلكم راعي ومسؤول عن رعيته وبالعقاب والجزاء..إلخ دون إسقاط لحق أو كتمه أو منعه ومصادرته.

وأخيرا بما أن المواطنة تنتسب للأرض والهوية تنتسب للثقافة فأن اختزال الوطن في شخص جلالته لا يمكننا التسليم به أو قبوله (لأن المواطنة والهوية أكبر من هذا الاختزال) .. مثال بسيط على ذلك ألا وهو بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتدت قبائل وأناس كثيرون عن الإسلام .. لماذا؟؟ لأنهم اختزلوا الدين في الرسول عليه الصلاة والسلام ..فقالها ابوبكر رضي الله عنه مقولته الشهيرة حينها (من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ...إلخ)، وهنا أيضا - أطال الله في عمر صاحب الجلالة وأمده بالخير والصحة والعافية- فمن بعده تبقى عُمان الأرض (المواطنة)  وتبقى عُمان الثقافة (الهوية)، فالشخص وطني بحبه وانتمائه وولائه لوطنه ومواطنيه لأن الأرض تبقى والشعب يبقى والثقافة تبقى بينما الحاكم يفنى كما نفنى وإن كان رمزا وطنيا نفخر به .
علي العبدور 07/03/2011

الأربعاء، 2 مارس 2011

قطرة الغيث ..كانت دما



اعتصامات تواصل ليلها بنهارها منتظرة قطرة الغيث التي تأخرت حتى سبقتها قطرة دمٍ على الأرض أولا، هناك في ظفار تحديدا في صلالة منذ ما يقارب الأسبوع والمشهد يتأجج سلميا دون مطالبٍ تُحقق، وأيضا في العفية صور منذ أربعة أيام والوضع لا يختلف عن الجنوبية تلك من حيث الغليان ولكن بسلميته، بينما في باطنة الدولة صحار- وصحار هذه معقل تاريخي لا يختلف عمانيان على عراقتها التاريخية- كانت على تماس وكانت خلفية المشهد أكثر ضراوة وأكثر حدة فهناك سالت قطرة الدم تلك وفاضت الروح إلى باريها لقتلى عمانيين (نحتسبهم عند الله شهداء) وجرحى  جراء تلك التظاهرات التي فُرقت بالقوة والسلاح. أينما تتجه في الجهات الأربع للسلطنة المطالبات والمناشدات تكاد تكون هي نفسها وإن تفردت جهة عن أخرى ببعض التفاصيل وهي  بلا استثناء حقوق مشروعة وأساسية.
اتفقت جميع الاعتصامات والمظاهرات على سلميتها دون أن يكون هناك تخطيط مسبق أو محرك ديني أو معارض سياسي بعينه،كانت قاعدة الشباب العماني هي الدافع والمحرك لهذه التجمعات والتظاهرات السليمة، بعدما أصبحت الدولة لا تعرف إلا وجوها على أركان حكمها وهم ذواتهم من سعوا في فساد أركانها وإفساد مواردها وتبديد ثرواتها، حيث لم يعد الكثير من شبابنا يستوعب فكرة الدولة النفطية الغنية بل آمن بعضهم بفقرها وقلة إمكانيتها فعذورها (وهاجروا بحثا عن لقمة العيش) ولسنوات طوال هم يمنون النفس بصلاح حالها لأنه من صلاح أحوالهم، تصبروا حبا للسلطان وحبا لعمان وإيمانا منهم بحكمته وعدله الذي انتظروه لينصفهم، ولكن الإعلام الخشبي المجوف وهؤلاء اللذين تخشّبوا على كراسي وزاراتهم الدّوارة فيما بينهم لا ينكفؤن عن التأكيد والتطبيل لريادة البلد اقتصاديا وتجاريا وأيضا الإعلان لمناقصات ومشاريع مستقبلية- لم تُحقق على أرض الواقع- بأرقام مليونية ومليارية مقارنةً بحال البلد ومستوى المعيشة المُلاحظ، وإن تحققت- أي تلك المشاريع- ذات يوم فهي لن تكون لهؤلاء الشباب مباشرةً بل هي موجهة نحو طبقة ارستقراطية ويُقصد بها جذب الاستثمارات الأجنبية .

 ليس خفيا على معظم المواطنين تلك المسببات والتجاوزات الإدارية والمالية من محسوبية وفساد ينخر في قلب الدولة وليس مفاصلها كما يهون البعض، بل إن خبر اختلاس سين من المسئولين  أو صاد من الوزراء ليس بجديد عليهم ولكن الجميع يترقب تكّرُم إعلامنا الصمني بالنشر وتكرُم الجهات العليا بتكريمه على جهوده المبذولة.       
صحار أفاقت صباحا على مطالبات واضحة لشبابها ولكن كالعادة لغة المسؤول الفوقية والمتعنتة ترفض الحوار وترفض الاستجابة وفق رواية كثير من شهود العيان، فكثير من المسؤولين يرفضون الاستجابة لمطالب فلان لكي لا يفتح على نفسه بابا للاستجابة لعلان فيما بعد(وفق منطق غريب يتفشى لدى أغلب المسؤولين)  ولكي لا تكون حجة عليه مستقبلا، وكذلك لكي يظل باب المنع مفتوحا أمام الجميع في حين أن باب المنح مغلقا أيضا أمام الجميع ولكنه مفتوحا أمام خاصة الخاصة (ممن يحملون فيتامين واو)، وربما كان هذا السبب  المباشر نحو هيجان البعض وانفلات أعصابهم مما حدا بالشرطة إلى استخدام قوة السلاح في تفريغهم وحدث ما حدث.
بعيدا عن المطالبات والمسببات لتلك التظاهرات الجماعية السلمية، وقراءةً لكيفية إدارة البلد في تلك الأزمة (والتي يحلو للإعلاميين تسميتها بالغمة)،لم تكن الشرطة والجهات الأمنية معالجة للوضع في صحار بل كانت جزءا من المشكلة، مما أدى إلى مواجهات وإطلاق نار وغاز مسيل للدموع، حيث أنه من المتعارف عليه "أن العنف لا يولد إلا العنف"، فهجوم الشرطة على المحتجين فجرا وهم نيام في دوار الكرة الأرضية لاعتقال من لم يهرب –وترحيلهم نحو سمائل المركزي- وضرب ومطاردة من هرب وّلد غضبا في نفوس المحتجين للثأر والمطالبة بالإفراج عن زملائهم  المعتقلين، وما إن انتشر الخبر في ساعات الصباح الأولى وعم شمال الباطنة حتى بدأت الحشود تتوافد وكذلك بدأت لهجة المحتجين ترتفع غضبا بينما التجاهل والتعنت واللامبالاة من الطرف الآخر..وفي هكذا موقف يخرج العاقل عن طوره فما بالك بشباب غاضب وغاضب (غاضب من فساد الدولة وغاضب من طريقة التعامل تلك) فقد يلوح بيده في وجه الآخر أو يتهور في تصرفه، ولا نُغفل أيضا الأسلوب الرخيص للرجل الأمني حيث أن يده ولسانه قد تكون حاضرة، وذلك بالاندساس بين المحتجين فتعبث أو تتلفظ بما يثير أحد الأطراف لتكون بذلك مبررا للشرطة بالتدخل أو مشجعةً للمحتجين بالتطاول..   وفعلا تدخلت الشرطة أو كما تسمى بمكافحة الشعب (الشعب وليس الشغب لأنها لم توجد أصلا في الأنظمة إلا لكبح جماح الشعوب) فاستخدمت القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي (ووفقا لصور الفيس البوك كان الرصاص الحي حاضرا) لتفريغ المحتجين البالغ عددهم حسب شهود عيان في تلك اللحظة(5000 محتج)، وأيضا شهود العيان أكدوا بأن حملة الهواتف النقالة اللذين يقومون بالتصوير كانوا مستهدفين، حيث أكد كثيرون منهم في الفيس بوك ومواقع إلكترونية بأن الغملاسي (القتيل رحمة الله عليه) كان يصور الأحداث ولم يكن طرفا فيها، فكانت تلك اللحظة هي التي سابقت الغيث والأحداث وهي التي أذكت النار وألهبت الغضب في باطنة الدولة وعامة عمان.
الإعلام كعادته تعامل مع الأحداث بتجاهل ما دار في صحار منذ تجمعهم الأول وما يدور في الشرقية وظفار من اعتصامات حالية تتسم بالهدوء والاستمرارية والأخيران مرهونان بما سيتحقق على ارض الواقع وليس بالأقوال التي يتم ترديدها. حقيقةً لم يفأجني الأعلام في تعامله مع الأحداث فهو أعلام حكومي صُنع ليكون ناطقا رسميا لها، حيث لم يتخلى عن تصّنمه وتخشبه (أثناء الأزمة) وهذا ما يؤكد على هشاشة منطلقاته الإعلامية ومحاولته الدءوبة نحو استغفال الرأي العام العماني ، برغم  تراجعه عن خطابه المسبق وتعمده إلى تسمية المسميات على حقيقتها(مثلا تحويل المخربين إلى محتجين)، وكذلك محاولته نحو إعادة لصياغة النشرات بطريقة أقل حدة ولكن بإيحاءات وصور مقتطعة ومجتزأة بطريقة لا تتمشى مع قلة حدة الخبر فقد تم التركيز على التخريب والحرائق دون البحث والنبش في مسببات ذلك التخريب أو الاستماع لمطالب هؤلاء المحتجين ومحاورتهم عوضا عن الترديد والتطبيل بأوامر شبه مبهمة وغير واضحة وتصوير هؤلاء المحتجين للعامة ( وأن لم يتفوه بها الإعلام  حرفيا) ومن يدعهم من المواطنين في خندق عدم الولاء والعرفان والمحبة لجلالته وهذا ما أثبتته مسيرة الولاء والعرفان يوم 1/3/2011م والتي دعت إليها مؤسسات وشخصيات برعاية ومباركة أعلامنا وإعلامنا، وبما أن المعلومة الصحيحة لا تستقى إلا من مصادر رسمية فأنه – أي الأعلام-  سارع للتأكيد على سقوط قتيل واحد وإصابة 18 جريح في محاولة للتهدئة مع التعتيم على دون ذلك من التفاصيل من كيفيات وحيثيات ومسببات. كان بإمكان الأعلام العماني أن ينطلق بحوارات جرئيه وشفافة تمتص الغضب الشبابي منذ البداية وكان بإمكانه في استضافة الصوت الآخر المدافع عن الحكومة في مواجهة الحجة بالمطالب (أثناء الأزمة) والعمل على توحيد الصف دون إحداث تصدعات وكذلك للحيلولة دون توجه الأصوات الشبابية إلى قنوات أخرى كالحرة والبي بي سي والفرانس 24 لرفع مطالبهم وتوضيح رؤاهم، إن لم تكن المساحة المتاحة على الفضائية العتيقة والمتفردة بشكل حصري للخصوصية والهوية العمانية ببرنامجيها ( بدلا عن ترديد الأغاني الوطنية والتعبئة لأجل لاشيء) فعلى اقل تقدير يكون على إذاعاتها القصيرة والطويلة التردد والترديد.
لعب جهاز الأمن أو مكتب القصر أو الجهة المعنية بالأمن الداخلي مهما اختلفت مسمياته التي لا اعرفها منسقةً مع التقنية ووسائل الاتصال دورها بامتياز وحرفنه على الصعيد الداخلي رغم فشله الخارجي والمُعلن مؤخرا بشأن خلية التجسس الأخيرة لصالح جارتنا التي غدت شبح يؤرق ويخيف أطفالنا من النوم.. أكاد أجزم بأن دوره بارزا وحاضرا وله يدا واضحة في أحداث صحار ليكون مبررا للشرطة بالتدخل أو مشجعا للمحتجين بالتطاول كما أسلفت أعلاه، هكذا هي أساليب أجهزة الأمن الرخيصة في جميع الأنظمة العربية وما حدث ويحدث في البلدان العربية من بلطجية ورجال الأمن باللباس المدني خير دليل على ذلك.وكذلك فأنني للأسف استغرب من العامة حيث انجروا إلى الشماعة التي تُعلق عليها فشلنا وهي الجارة المسالمة الإمارات، أن من لديه الجرأة في التضحية بابنه لديه نفس الجرأة في التضحية بجاره، فقد غدت الأمارات هي الشماعة التي تعلق عليها الحكومة استقرار البلد وأمنه، فتارة يطالعنا الأخوان الأمنيين برسالة نصية تقول فيما معناه أنه تم القبض على أمارتيين بلباس باكستاني في صحار وأخرى أن المحتجين أوقفوا باصا يَقِلُ عدد من الاماراتيين ولديهم أسلحة لتحريض المحتجين، وكأن البلد على كف عفريت أماراتي، انه لاستخفاف بعقول الناس وتصدير لمشاكلنا نحو الجار بخلق نزاعات وخصومات شعبوية، وكذلك فأن هذه الإشارات ما هي إلا تقزيم وتصغير لعمان الضاربة جذورها بإمبراطورية ممتدة ومتوغلة في قارتين. إن تلك الأكذوبة هي ذاتها حجة عليهم ففي حين أن هذه التدخلات أن صدُقت وكانت فرضا صحيحة فهي تعني بأن النظام الأمني فاشل، وهنا السؤال موجه إلى كل من يصدق تلك الشائعات كيف لنا أن نثق بمن فشل في ردع الجهات الخارجية من التدخل في شؤوننا الداخلية بعد انتهاء وجلاء الغمة (على رأي الإعلاميين)، كثيرون أتصلوا على الرقم الذي صدرت عنه الرسائل الأمنية تلك ولكنه لا يستجيب وبعد السؤال عنه صُدموا بالإجابة بأنه لا يتبع لأي شبكة مزودة لخدمات الهاتف النقال.
أخيرا كم سُعدنا بتدخل جلالته السريع والحاسم في تلك اللحظة، بل إننا حينها آمنا بأنه فعلا حكيم فقد لامست تلك الحكمة عقول الشباب بسحب الجيش والشرطة والإفراج الفوري عن المعتقلين، وتواتر الأوامر أمرا تلو الأمر، كثيرون منا استبشروا وفرحوا ولكن المطالب الأساسية لم نرى لها من اثر، كنا نتمنى أن نرى إصلاحات فعلية فليس مقبول أو مكي أو علي ماجد أو مالك أو أيا من الوجوه الهرمة تلك والمتخمة جيوبها تستحق أن يُنصف الشعب منها وتُستبعد أم أن أرحام العمانيات عدمن أن  يلدن أمثالهم كما قال سعيد الهاشمي ذات مرة أم أن عمان غير مقدر لها المضي قدما إلا بتلك الوجوه التي أثبتت رجعيتها القبلية وفسادها المطلق، فاليوم لن تجد يا مولاي أحد منهم وزير فقط فكلهم وزراء وتجار وجميعهم يتقاسمون وينهبون بعلمك ودون علمك والشعب يا مولاي يحبك ولكن أين أنت منه؟
أن القرار بإيقاف كل ذلك يا مولاي مرهون بأوامرك فالشعب يطيعك فهلا وقفت بجانب الشعب وهلا حيدت المفسدين وخاطبت الشعب وسمعت ما يبثون ويشتكون منه.. مولاي تجرعنا من تلك الوجوه طبقية في التعامل على أُسس مذهبية وقبلية وإقليمية (ولاياتيه) والآن حان دور الفزاعة الأمنية لتدخل الأمارات في كافة شؤوننا ..فهل ترضى لنا أن نكون قطيع مطيع ننقاد نحو الهاوية؟ أم يلزمنا أن نبذل دما لكي تحقق مطالبنا؟